.png)
لغز السيولة المفقودة: لماذا تتردد البنوك الكبيرة في دعم المشاريع الصغيرة؟
في عالم تتباهى فيه البنوك الكبرى بتصنيفاتها الائتمانية القوية وسيولتها الضخمة، يظل لغزًا محيرًا سبب ترددها في مد يد العون لأصحاب المشاريع الصغيرة، حتى في ظل وجود ضمانات حكومية أو حتى في عالم رقمي حيث النقود مجرد أرقام. فما الذي يكمن وراء هذا التردد؟ ولماذا تتخلى هذه المؤسسات عن دورها الحيوي في تغذية شريان الاقتصاد الحقيقي؟
بين الخوف والواقع:
مخاطر الائتمان: على الرغم من الدعم الحكومي أو الطبيعة الرقمية للأموال، تظل البنوك حذرة من مخاطر التخلف عن السداد. فالمشاريع الصغيرة، بطبيعتها، تحمل مخاطر أعلى من الشركات الكبيرة، خاصة في ظل تقلبات الأسواق والظروف الاقتصادية غير المستقرة.
تكاليف الإدارة: تتطلب إدارة القروض للمشاريع الصغيرة تكاليف إدارية وتشغيلية عالية مقارنة بالقروض الكبيرة. فالبنوك تحتاج إلى تقييم دقيق للمشروع، ومتابعة مستمرة، وإجراءات تحصيل قد تكون معقدة في حالة التعثر.
* **عوائد الاستثمار:** قد تبدو عوائد الاستثمار من القروض الصغيرة أقل جاذبية للبنوك الكبيرة مقارنة بالمشاريع الكبرى. فالبنوك تسعى إلى تحقيق أقصى عائد ممكن على استثماراتها، وقد تجد في المشاريع الكبرى فرصًا أكثر ربحية.
* **الثقافة المؤسسية:** قد تكون ثقافة البنوك الكبيرة متحفظة بطبيعتها، وتفضل التعامل مع الشركات الكبيرة ذات السجلات المالية القوية. قد يتطلب تغيير هذه الثقافة جهودًا كبيرة وتدريبًا مكثفًا للموظفين.
**تأثير الفراشة:**
إن تردد البنوك الكبيرة في دعم المشاريع الصغيرة له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد والمجتمع ككل. فالمشاريع الصغيرة هي المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، وتوفر فرص عمل للشباب، وتساهم في الابتكار وتنوع الاقتصاد.
**نحو مستقبل أفضل:**
لا شك أن هناك حاجة ملحة إلى تغيير هذا الواقع. يجب على البنوك الكبيرة أن تدرك أهمية دورها في دعم المشاريع الصغيرة، وأن تتبنى سياسات أكثر مرونة وتشجيعًا. يمكن للحكومات أن تلعب دورًا في تحفيز البنوك على تقديم الدعم اللازم، من خلال توفير ضمانات إضافية أو حوافز مالية.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن الاستثمار في المشاريع الصغيرة ليس مجرد عمل خيري، بل هو استثمار في مستقبل الاقتصاد والمجتمع. فمن خلال دعم هذه المشاريع، نزرع بذور النمو والازدهار للأجيال القادمة.
コメント